هي حجرٌ عظيمٌ ضخمٌ ثقيلٌ مستدير .. يُطحَنُ به القمحُ والشعير .. وما سواهما من الحبوب والبقولِ التي يحتاجُها الناسُ على مر العصور
تتكون الرحى من حجَرين عظيمين مستديرين أحدُهما يعلو الآخر .. وفي الحجر الأعلى مِقبضٌ من خشبٍ قويٍ تُدارُ به الرحى وفي وسط الحجرِ السفليِّ قضيبٌ من حديدٍ تدورُ الرحى العليا حوله
تقوم الرحى بِجرْشِ الحبوبِ وطَحنِها لتكونَ جاهزةً للعجن إن كانت للإنسان .. أو لإطعامِ الطيورِ والحيوان .. ويُسمى المقبضُ بالوتد .. وقد عُرفتْ الرحى في تراثنا منذ القِدمِ
وهي من عمل المرأة في بيتها .. وتستطيع أن تتحكمَ في نوع المطحون فإن أرادته دقيقاً ناعما قللت الملقوم وإن أرادته دَشيشاً زادت كميةَ الملقومِ للرحى فيخرج أقلَّ نعومة
ولقد طحنتْ بالرحى فاطمةُ بنت محمد -صلى اللهُ عليه وسلم- ورضي اللهُ عنها حتى كَلَّتْ يداها واغبرَّت ثيابُها ( فبلغها أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلم- أُتِيَ بسبْيٍ فأتته تسألُه خادما فلم توافقْه -أي لم تجده- فذكرت لعائشةَ .. فجاء النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فذكرتْ ذلك عائشةُ له .. قالت -أي فاطمةُ- : فأتانا وقد دخلنا مضاجعَنا .. فذهبنا نقوم .. فقال : على مكانِكما .. حتى وجدتُ برد قدميه على صدري فقال : ألا أدلكما على خيرٍ مما سألتُماه ؟ إذا أخذتُما مضاجعَكما فكبرا اللهَ أربعاً وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وسبِّحا ثلاثا وثلاثين فإن ذلك خيرٌ لكما مما سألتُماه ) رواه البخاري
فوجه صلى الله عليه وسلم إلى مصدرِ استلهامِ العون والمدد والنشاط وذلك بربطِهما بالله -تعالى- وذكرِه وتسبيحِه والثناءِ عليه فبذلك تقوى الجوارح وتُنجَزُ المصالح وتُوضع البركةُ في الجُهد والعطاء .. صلواتُ الله على أعظمِ مربٍ وخيرِ معلم وأروعِ داعيةٍ ربط القلوبَ بخالقها والألسنة برازقها